‫الرئيسية‬ الصحة والجمال أسرة ومجتمع سيدة القطار وضابط المحكمة والوزير
أسرة ومجتمع - منوعات - 10 سبتمبر، 2020

سيدة القطار وضابط المحكمة والوزير

وهيب صورة قوية2 1

لا يظهر الأبيض إلا في وجود اللون الأسود أوالقاتم، كذلك البشر لا يبين جوهر معادنهم إلا في الشدائد والملمات، ولعل هذا ماكشفه موقف سيدتين، خلال الأيام القليلة الماضية، ومجازًا- أوكما يقتضي المكتوب في الأوراق الرسمية- سنقول عن إحداهما سيدة.

بضعة أيام تفصل بين الواقعتين، لكن المشترك فيهما هو أن البطل في إحداهما السيدة “صفية إبراهيم” وهي سيدة القطار، والبطل في الواقعة التي سبقتها بأيام هو ضابط بحرس المحكمة، غير أن هناك سيدة متهمة هي عضو النيابة الإدارية في الواقعة الاولى، قد تكون كليهما تعرضت لضغوط نفسية ما، غير أن ما تعرضت له السيدة المصرية الحقيقية والأم البسيطة، من ضغوط نفسية وإنسانية هي ضغوط وفزع الأم على ابنها حين تراه في موقف محرج ينال من كرامته أوهيبته، خاصة وهي تستمع لرئيس القطار المتعجرف الذي أراد بتهكمه وسخريته النيل من هيبة الجندي والمؤسسة التي ينتمي إليها بقوله: “لا استني لما نلم نجوم اللي على كتفك”، أوقوله:”اوعي يكونوا بيضحكوا عليك هناك ويقولوا لك كذا وكذا” وفي هذا أيضا استهانة وتهكم وسخرية من أقدس دروس يتلقاها الإنسان في حياته وهي دروس الدفاع عن الوطن.

والضغوط التي تعرضت لها هذه السيدة المصرية كما قلت نتاج إنفعالات إنسانية حميدة، لذلك كان تعبيرها وانفعالها هو جوهر الإنسانية أن وقفت بين الرجال الجالسين ولم يتحركوا، ودفعت أجرة التذكرة والغرامة، ورفضت بكل إباء ومحبة الأم أن تأخذ بضع جنيهات لا تكفي حين قدمها لها الجندي!
وقد تكون ضغوط نفسية منبعها تورم الذات، كما قيل في حالة السيدة التي ظهرت في فيديو المحكمة؛ أنها تمر بظروف مرضية ونفسية، غير أنه كما بدا في الفيديو المنتشر عبر منصات السوشيال ميديا، نراها بكل غلٍّ وعنجهية تعاملت مع ضابط شرطة يؤدي عمله، الأفدح من هذا أن تلك السيدة كان يجب عليها أن تكون هي القدوة في تنفيذ القانون ولاتقوم بالتصوير داخل المحكمة كما يملي عليها تعليمات موقعها الوظيفي المهم كعضو عامل بالنيابة الإدارية، وغني عن القول أن هذا الموقع الوظيفي ليس ببعيد عن دائرة القانون بل هو منوط وفي الصميم وقبل أي مواطن بتنفيذ القانون وإعماله، ووجب عليها أن تكون قدوة لغيرها من المواطنين في مثل هذه المواقف، مهما حدث من تجاوز أوخلافه، وما كان لها أبدًا أن تستقوى بهيئة أجنبية هي الأمم المتحدة أوغيرها، وفي هذا وحده إهدار لقيمة الدولة التي تنتمي إليها، وحسنًا فعلت النيابة الإدارية ووزارة العدل بإعفائها من وظيفتها وتقديمها لمحكمة الجنايات.

ومهما يكن من تجاوز عضو النيابة داخل المحكمة مع الضابط الذي طالبها بكل أدب أن تكف عن التصوير، ولكن انفعاله نتاج تجاوزاتها ربما قاده إلى خطف الموبايل أداة الجريمة من يدها، كي يتحفظ عليها ويحتفظ بحقه في إدانتها، إلا أنه احتمل بكل جلد وصبر شتائمها وإهاناتها.

وبالمثل فإننا حين نذكر سخافة وعنجهية رئيس القطار والكمساري تجاه المجند البسيط، فلا يجب أن ننسى أنهما بكل تأكيد ينفذان تعليمات وزير النقل الفريق كامل الوزير بضرورة تحصيل الغرامات ممن يستقلون القطارات بدون تذاكر، وكان أجدى لهما التوقف عند ذلك المطلب فقط دون التطرق للسخرية من المؤسسة التي ينتمي لها جندي شاءت ظرفوه الآنية ألا يكون لديه ما يكفي لثمن التذكرة، خاصة إذا كان متنقلاً من محافظة إلى محافظة أوعبر عدة محافظات كي يصل إلى وحدته ليؤدي واجبه الوطني.

لذلك ليسمح لي الفريق كامل الوزير أن أهمس في أذنه أن يطالب مجلس النواب أوأجهزة الدولة بتشريع يقضي بإعفاء المجند من تذاكر السفر طوال فترة تجنيده وأظنه يستطيع، خاصة وأن المجند لن يسافر سوى 12 مرة خلال العام الواحد، وأقصى فترة تجنيد هي ثلاث سنوات، وأظن قيمة هذه الانتقالات لن تساوى تكلفة انتقالات لجنة واحدة أو تكلفة اجتماعات اللجان والمستشارين المنتشرة في مؤسسات ووزارات الدولة.

اترك تعليقاً

‫شاهد أيضًا‬

ماتريوشكا قارورة المحيميد

.. “هكذا علمتني أمي منذ الطفولة؛ أن أحترس من الغرباء، أن أنكفئ إلى داخلي، أن أختزن ع…